الأربعاء، 6 يونيو 2012

يا شباب العرب .....

يا شباب العرب .....    يقولون إنّ في شباب العرب شيخوخة الهمم والعزائم , فالشباب يمتدون في حياة الامم , وهم ينكمشون .
وإنّ اللهو قد خف بهم , حتى ثقلت عليهم حياة الجد , فأهملوا الممكنات حتى فرجعت كالمستحيلات .
وإنّ الهزل قد هوّن كل صعبة فاختصروها , فإذا هزئوا بالعدو في كلمة , فكأنما هزموه في معركة !.
ويزعمون أنّ هذا الشباب أبرع مقلد للغرب في الرذائل خاصة , وبهذا جعله كالحيوان ,  محصوراً في طعامه وشرابه ولذاته .

    يا شباب العرب ,  من غيركم يكذّب ما يقولون ويزعمون ..؟
من غير الشباب يضع القوة بإزاء هذا الضعف الذي وصفوه لتكون جواباً عليه ؟
الشباب هو القوة , فالشمس لا تملأ النهار في آخره , كما تملؤه في أوله .
وللشباب طبيعة , أول إدراكها الثقة بالبقاء , وأول صفاتها الإصرار على العزم .
وفي الشباب تصنع كل شجرة من أشجار الحياة ثمارها , وبعد ذلك لا تصنع الأشجار كلها إلا خشباً ...
ياشباب العرب , اجعلوا رسالتكم : إما أن يحيا الوطن عزيزاً , وإما أن تموتوا !. 

    يا شباب العرب , لم يكن العسير يعسر على أسلافكم الأولين , كأنّ في أيديهم مفاتيح يفتحون بها !.
أتريدون معرفة السر ؟ السر أنّهم غلبوا على الدنيا ,  لمّا غلبوا في أكفهم معنى الفقر , ومعنى الخوف .
واختراعهم الإيمان اختراعاً نفسياً , علامته المسجلة على كل منهم هذه الكلمة , لايذلّ ...

   يا شباب العرب , كانت حكمة العرب التي يعملون عليها : " اطلب الموت توهب لك الحياة " .
والنفس إن لم تخش الموت , كانت عزيزة الكفاح أول غرائزها لتعمل .
وللكفاح غريزة تجعل الحياة كلها نصراً , إذ لا تكون الفكرة معها إلا فكرة مقاتلة .
غريزة الكفاح - يا شباب - هي التي جعلت الأسد لا يسمن كما تسمن الشاة للذبح .
وإذا انكسرت يوماً , فالحجر الصلد ( الصلب ) إذا ترضرضت منه قطعة كانت دليلاً يكشف للعين أنّ جميعه حجر صلد .

    يا شباب العرب , إنّ كلمة "حقي " لا تحيا في السياسة إلا إذا وضع قائُلها حياته فيها .
فالقوة القوة يا شباب ! القوة التي تقتل أول ما تقتل , قكرة الترف والتخنث .
القوة الفاصلة المتسامية التي تضع للأنصار في كلمة " نعم " معنى " نعم " .
القوة الصارمة النفّاذة التي تضع للأعداء في كلمة " لا " معنى " لا " .
ياشباب العرب , اجعلوا رسالتكم : إما أن يحيا الوطن عزيزاً , وإما أن تموتوا !...
          وحي القلم
" مصطفى صادق الرافعي "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق